لا يسلبون العاصي أو الفاسق المِلِّي ـ الملي: نسبة لملة الإسلام ـ الإيمان كما تفعل الخوارج والمعتزلة.
والخوارج لا يقتصرون على سلبه الإيمان، بل يسلبونه الإيمان ويكفرونه، أما المعتزلة فإنهم يسلبونه الإيمان، وأهل السنة لا يكفرونه، ولا يسلبونه الإيمان، ولا يخلدونه في النار يوم القيامة، بل هو يوم القيامة تحت مشيئة الله إن شاء غفر له، وإن شاء عذبه بقدر ذنبه، ثم يخرجه من النار برحمته سبحانه وتعالى، وبشفاعة الشافعين من أهل طاعته، وكل ذلك من فضله وكرمه وإحسانه.
وذكر الشيخ: أن الفاسق يدخل في اسم الإيمان في بعض الآيات، وقد لا يدخل في بعض الآيات، ففي قوله تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} هذه يدخل فيها الفاسق، فليس من شرط الرقبة التي أمر الله بتحريرها كمال الإيمان، بل يجزئ تحرير رقبة إنسان ذكر أو أنثى معه أصل الدين، ولهذا قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - للجارية ـ التي أراد سيدها أن يعتقها ـ: أين الله؟ قالت: في السماء، قال: من أنا؟ قالت: رسول الله. قال: أعتقها فإنها مؤمنة " (?).
ولا يدخل الفاسق الملي في الإيمان المطلق في مثل قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ـ إلى قوله ـ أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا} فالفاسق الملي لا يدخل في مَن هذه صفاتهم؛ لأنه ليس مؤمنا حقا، هو مؤمن في الجملة، كما لا يدخل في اسم الإيمان في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن " (?). أي: الإيمان الكامل الذي يمنع من مقارفة هذه الفواحش، فالمؤمنون الكُمَّل يمنعهم إيمانهم عن اقتراف المعاصي الكبيرة كالزنا، أو السرقة، أو الانتهاب.