والإيمان بالشرع يتضمن الفرق بين ما يحبه الله سبحانه وتعالى ويبغضه، ويتضمن إثبات الأسباب، وكونها مؤثرة بإذن الله، ويدخل في ذلك الإيمان بأن العباد فاعلون حقيقة، وأن لهم مشيئة واختيارا، خلافا للجبرية، وأن الله خالق قدرتهم وأفعالهم، كما تقدمت الإشارة إلى هذا عند ذكر وسطية أهل السنة والجماعة بين الجبرية والقدرية (?).

ولا يستقيم أمر العباد، وإيمانهم، بل لا تستقيم الحياة إلا بهذا وهذا، فمن أنكر واحدا منهما، أو غفل عنه ضل عن الصراط المستقيم، وأنحرف في سلوكه وتصرفاته، وفسد من أمور المجتمع بحسب ما وقع من الخلل في ذلك، فلا بد من النظر إلى الأمرين جميعا ووضع كل من الأمرين في موضعه، فعند المصائب عليك أن تنظر إلى القدر، وتؤمن بقدر الله، ولا تتسخط من قضائه وقدره.

وعند المعائب والمعاصي عليك أن تنظر إلى الشرع؛ فتلوم نفسك، وتستغفر وتتوب إلى ربك، وتراجع نفسك وتندم. ومن نظر إلى القدر عند المعاصي هانت عليه، وأصبح لا يبالي بمعصية الله فيقدم عليها، ويستخف بها.

وقول الشيخ: "وقد أمر العباد بطاعته، وطاعة رسله، ونهاهم عن معصيته، وهو سبحانه يحب المتقين والمحسنين "الخ.

هذا تفصيل لقوله: "والعباد فاعلون حقيقة " فما داموا هم الفاعلون حقيقة، إذًا فالعبد هو: المؤمن والكافر، والبر والفاجر، والمطيع والعاصي .. إلخ.

وقول الشيخ: "ويغلو فيها قوم من أهل الإثبات حتى سلبوا العبد قدرته واختياره ".

منهم الجبرية؛ فالجبرية يغلون في إثبات القدر، فهم يقرون بعموم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015