يضربه بمرزبة من حديد فيصيح صيحة يسمعها كل شيء إلا الإنسان، ولو سمعها الإنسان لصعق.

وهذه الأمور تجري في القبور، والناس قريبون جدا منها ولا يدرون شيئا عنها، فهي من علم الغيبِ، والإيمانُ بها من الإيمان بالغيب.

وقد جاء في الصحيحين (?) حديث صاحبي القبرين، وأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أخبر بأنهما يعذبان، والصحابة معه لا يدرون عن تعذيبهما، ولا عن سبب تعذيبهما، ومن حكمة الله أنه ستر أحوال القبور، وأهوالها، وعذاب المعذبين فيها، وقد جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:" لولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يُسمعكم من عذاب القبر ما أسمع" (?).

ولو سمع الناس ما في القبور لما استطاعوا المُقام، ولما طاب لهم عيش، ولما تدافنوا، ولفر الناس وهاموا على وجوههم.

فالقبور فيها أمور وخطوب؛ ولهذا جاءت الاستعاذة بالله من عذاب القبر، ومن فتنة القبر في كثير من النصوص، وانظروا كيف أوصانا النبي - صلى الله عليه وسلم - أن نستعيذ بالله من هذه الأخطار العظيمة في كل صلاة بعد التشهد.

قال النبي - صلى الله عليه وسلم -:"إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من أربع يقول: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن شر فتنة المسيح الدجال " (?).

ولو كُشف للناس أحوال القبور لما كان لهم ثواب على الإيمان بذلك؛ لأن الثواب إنما هو على الإيمان بالغيب، فهذا هو الذي فيه الفضل، ويتبين فيه المؤمن المصدق من الكافر الجاحد قال تعالى {ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} الآية [(2 - 3) سورة البقرة]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015