وقد تقدم (?) أن الذين ينفون صفة المحبة والرضا، والغضب والسخط عن الله، يفسرها بعضهم بأشياء منفصلة، ـ مفعولات ـ: بالنعم، والعقوبات المخلوقة.

إذاً؛ أهل السنة والجماعة وسط في أفعال الله، بين الجبرية الذين يقولون: إن العبد مجبور وليس له إرادة ولا اختيار ولا فعل، وإضافة الأفعال إليه إضافة مجازية، وإلا فهي في الحقيقة أفعال لله، لكن الفعل عندهم هو المفعول فليس هناك إلا الفاعل والمفعول ليس هناك فعل يقوم به؛ لأن من الممتنع عندهم قيام الأفعال الاختيارية به سبحانه وتعالى.

والقدرية النفاة الذين يقولون: إن العبد يخلق فعله، وإنه لا تعلق لمشيئة الله، ولا لقدرته بأفعال العبد.

فأهل السنة يثبتون القدر، ويؤمنون بكل مراتبه، ويؤمنون بالشرع، ويثبتون فعل العبد، فخالفوا بذلك الجبرية والقدرية، وكانوا وسطا بين الطائفتين الضالتين المنحرفتين.

ثالثا: أهل السنة وسط في باب وعيد الله بين المرجئة، والجهمية، وبين الوعيدية من الخوارج والمعتزلة.

فالخوارج والمعتزلة وعيدية، والجهمية مرجئة.

فأهل السنة في باب الوعيد، والمراد بالوعيد: ما توعد الله به العصاة من أهل كبائر الذنوب من الموحدين، كما توعد الله القاتل، وآكل مال اليتيم، وآكل الربا، ومَن فر من الزحف، وقاذف المحصنات الغافلات المؤمنات، وما أشبه ذلك من نصوص الوعيد.

الوعيد هو: الوعد بالعذاب والعقاب، أهل السنة وسط في نصوص الوعيد بين المرجئة الجهمية، والوعيدية من الخوارج والمعتزلة.

فالمرجئة نظرتهم إلى الوعيد ضعيفة؛ لأن الإيمان عندهم هو التصديق فقط، أو المعرفة فقط، ويقولون قولتهم المشهورة: " إنه لا يضر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015