وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}.
والمعية في اللغة العربية: تدل على مطلق المقارنة، والمصاحبة، ولا تستلزم اختلاطا، ولا ممازجة، فوصفه تعالى بأنه مع عباده لا يدل على أنه حال في المخلوقات، كما زعم المبطلون الغالطون: أن هذه الآيات تدل على أنه في كل مكان مع عباده، معهم في بيوتهم، ومعهم في سائر ما يكونون فيه.
هذا فهم خاطئ، هو سبحانه في السماء، في العلو، مستو على عرشه، وفي نفس الوقت هو مع عباده يسمع كلامهم، ويرى مكانهم، وحركاتهم وسكناتهم، ويعلم سرهم، ونجواهم، لا يخفى عليه شيء من أمرهم.
ولا يعني ذلك أنه مع النجوى الثلاثة، والأربعة .. في المكان الذي هم فيه، وأنه متصل بهم، ومن فهم أنّ الله تعالى حال بين أولئك النجوى داخل السقف الذي هم تحته؛ فهو جاف الطبع، جامد العقل، فاسد الفهم.
تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، وعمَّا يظنه الجاهلون، فذلك من ظن السوء بالله.
وهذه المعية يسميها أهل العلم: المعية العامة؛ لأن الله مع الناس كلهم {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ}.
ومن قال من السلف إنه تعالى معهم بعلمه؛ فهو حق، إنما قال ذلك؛ لبيان أن مقتضاها: العلم، والسمع، والبصر، وقال الإمام أحمد: إن الله تعالى بدأ آية المعية بالعلم وختمها بالعلم (?).
فمعنى أنه معهم أين ما كانوا يعني: معهم بعلمه، وهو فوق السموات.