* خلاف العلماء:
تقدم أنَّ الولي شرط لصحة عقد النكاح، وأنَّ هذا مذهب جمهور العلماء، ومنهم الأئمة الثلاثة.
وذهب الإِمام أبو حنيفة وأتباعه إلى أنه لا يشترط.
وحجتهم أدلة كثيرة، وهي مسألة خلافية طويلة.
ومن أدلتهم: قياس النكاح على البيع، فإنَّ للمرأة أن تستغل وتبيع ما تشاء من مالها، فكذلك لها أن تزوج نفسها, لكن قال العلماء: إنَّه قياس فاسد لثلاثة أمور:
الأول: أنه قياس في مقابلة النص، وهذا لا يجوز ولا يعتبر أصوليًّا.
الثاني: أنه يشترط المماثلة بين الحكمين.
وهنا لا مماثلة، فإنَّ النِّكاح وخطره، وما يحتاج إليه من نظرٍ، ومعرفةٍ للعواقب، يخالف البيع في بساطته، وخفة أمره، وضعف شأنه.
الثالث: أنَّ عقد النكاح على بعض الأزواج قد يكون مسبَّةً وعارًا على الأسرة كلها, وليس على الزوجة وحدها، فأولياء أمرها لهم حظٌّ من الصهر، طيبًا أو ضده.
وقد رَدَّ الحنفية هذا الحديث تارةً بالطعن في سند الحديث بأنَّ الزهري قال لسليمان بن موسى: لا أعرف هذا الحديث، ورُدَّ هذا بأنَّ الحديث جاء من طرق متعددة عن أكابر الأئمة، وأعيان النقلة.
وتارةً يقولون: إنَّ "باطل" مؤوَّل، والمواد به: أي بصدد البطلان ومصيره إليه، وهذا تأويلٌ بعيدٌ، وأحيانًا يقولون: إنَّ المراد بالمرأة هنا هي المجنونة، أو الصغيرة، إلى غير ذلك من استدلالاتٍ بعيدةٍ رُدَّ عليهم فيها، والنُّصوص واضحة، لا تحتاج إلى مثل هذه التأويلات، والله أعلم.
أما الأدلَّة على اشتراط الولي فمنها حديث الباب.