أو يغرم، فهذا خطر كالرهان.
ولأجل هذه القاعدة اشترط الفقهاء في البيع أن يكون الثمن معلومًا، والمثمن معلومًا، لأنَّ جهالة أحدهما داخلة في الغرر.
* فوائد:
الأولى: ما تدعو الحاجة إليه من الغرر:
قال شيخ الإسلام: رخَّص الشارع فيما تدعو الحاجة إليه من الغرر، كبيع العقار بأساساته، والحيوان الحامل، والثمرة بعد بدو صلاحها، وبيع ما المقصود منه مغيَّب في الأرض، كالبصل والفجل ونحوهما قبل قلعه.
وتختلف مشارب الفقهاء في هذا:
فأبو حنيفة والشافعي أشد الناس قولاً في الغرر، وأصول الشافعي المحرَّمة أكثر من أصول أبي حنيفة.
أما مالك فمذهبه أحسن المذاهب في هذا، فإنَّه يجوز بيع هذه الأشياء، وجميع ما تدعو الحاجة إليه، أو يقل غرره، فيجوز بيع المقاثي جملة، وبيع المغيبات في الأرض، كالجزر والفجل والبصل ونحو ذلك، وأحمد قريب منه في ذلك.
والناس محتاجون إلى هذه البيوع، والشارع لا يحرم ما يحتاج الناس إليه من البيع؛ لأجل نوع من الغرر.
وهو أصح الأقوال، وعليه يدل غالب معاملات السلف، ولا يستقيم أمر الناس في معاشهم إلاَّ به.
وكل من شدَّد في تحريم ما يعتقده غررًا فإنَّه لا بد أن يضطر إلى إجازة ما حرَّمه الله، فإما أن يخرج عن مذهبه الذي يقلده في هذه المسألة، وإما أن يحتال، ومفسدة التحريم لا تزول بالحيلة.