للأموات، ومعلوم أنَّ لهم حرمة، وهم قد سبقوا إلى هذا الموضع، وصاروا إليه، فالقبور منازلهم، فلا يحل نبشهم من قبورهم إلاَّ لغرضٍ صحيحٍ، وهو ما كان من مصلحة الميت، أو كف الأذى عنه ونحو ذلك، أما إذا كان لمصلحة غيره من الأحياء أو الأموات فلا يجوز.

8 - ومن احترام القبور وأهلها عدم المشي فيها بالنعال؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "ألق سِبْتِيَّتَيْك" [رواه ابن ماجه (1568)].

قال ابن القيم: إكرام القبور عن وطئها بالنعال من محاسن الشريعة، وقد أخبر -صلى الله عليه وسلم-: "أنَّ الجلوس على الجمر خير من الجلوس على القبر"، والقبور هي دار الأموات ومنازلهم، ومحل تزاورهم، وعليها تنزل الرحمة من ربهم، فهي منازل المرحومين، ومهبط الرحمة، يلقى بعضهم بعضا على أفنية قبورهم، يتجالسون ويتزاورون، كما تضافرت به الآثار. اهـ كلامه.

9 - أما الحديث فهو نصٌّ في تحريم كسر عظم الميت؛ لأنَّه شبهه بعظم الحي في الحرمة والاحترام، وعدم التعرض له؛ لأنَّه معصوم في حياته وبعد مماته؛ فالموت لا يهدر كرامة المعصوم أبدًا، بل كرامته باقية.

ولذا قال في "الإقناع وشرحه": ويحرم قطع شيء من أطراف الميت، وإتلاف ذاته؛ لحديث: "كَسْر عظم الميت ككسر عظم الحي" ولبقاء حرمته ولو أوصى به؛ أي: بما ذكر من القطع والإتلاف، فلا نتَّبع وصيَّته؛ لحق الله تعالى، ولوليه -أي: الميت- أن يحامي عنه بأن يدفع من أراد قطع طرفه ونحوه بالأسهل فالأسهل.

قال محرره عفا الله عنه: فتوى الشيخ عبد الرحمن السعدي وقرار هيئة كبار العلماء -موافق لقواعد الشريعة وأصولها، وهو لا يخالف ما قاله صاحب "شرح الإقناع".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015