في القبر، قال: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى (55)}، بسم الله وعلى ملة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-".
4 - قال الإمام الشافعي: يقوله الذين يُدخلونه.
أما شارح "الأذكار" فقال: إنَّ المقام مقام سؤال، وطلب رحمةٍ وإفضالٍ، فناسب التكرار باعتبار القائلين.
5 - دَفْن الميت من فروض الكفايات، فهو مشروع بالكتاب، قال تعالى ممتنًّا: {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا (25) أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا (26)} [المرسلات]، وقال تعالى: {ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ (21)} [عبس]، أكرمه بدفنه، قال الخازن: وهذه تكرمة لبني آدم على سائر الحيوانات.
واستفاضت الأحاديث بالدفن، ومنها: ما في أبي داود (3159) أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَال: "لا ينبغي لجيفة مسلم أن تُحْبَسَ بين ظهراني أهله". ففي الدفن برٌّ بالميت، وطاعةٌ للرب، وهو عمل المسلمين منذ زمن الصحابة.
6 - أما ما جاء في الحديث (475) من حرمة كسر عظم الميت، فقد قال الشيخ عبدالرحمن السعدي: الأصل أنَّ بدن الإنسان محترم لا يباح بالإباحة إلاَّ عند تطبيق قاعدة "تعارض المصالح والمفاسد، والمنافع والمضار"؛ فإنَّه يباح لمن وقعت فيه الآكلة أن يقطع العضو المتآكل لسلامة الباقي، ويجوز التمثيل في البدن كشق البطن، للتمكن من علاج المرض، فما كانت منافعه أكثر من مفاسده، فإنَّ الله لا يحرمه، وقد نبَّه الله تعالى على هذا الأصل في عدة مواضع من كتابه، ومنه قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} [البقرة: 219].
7 - وبهذه الحرمة الإنسانية للأموات أفتى رئيس الفتوى السابق في المملكة العربية السعودية الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ بقوله:
لا يجوز نبش القبور، ولا يجوز مرور الطريق عليها؛ لأنَّ هذا امتهان