3 - إذا وجدت الضرورة المبيحة للدفن الجماعي، فليُقدَّم في اللحد أكثرهم أخذًا للقرآن، فهو المستحق للتقديم؛ لأنَّه أفضل وأولى بالإكرام والتشريف.
4 - دلَّ ذلك على أنَّ العلم بكتاب الله يرفع مقام الإنسان، ويُعلى مرتبته إذا قصد بعلمه به وجه الله والدار الآخرة، فالفضل مقاسه العلم النافع، وهو مقياس صحيح، فالآخرة خير وأبقى.
5 - أنَّ الشَّهيد لا يُغَسَّلُ ليبقى دمه عليه، فلا يذهب أثر الجهاد والشهادة عنه، فهي مفخرة يوم القيامة على رؤوس الخلائق، إذا جاء بجروحه التي تثعب مسكاً بلون الدم، ولا يُصلى عليه؛ لأنَّ الصلاة شفاعة له لتكفير ذنوبه، وقد كفرت الشهادة ذنوبه وطهَّرته، فهو في غنى عنها بفضل ربه، ومنَّته عليه.
6 - جاء في صحيح البخاري (1343) من حديث جابر: "أنَّ النَّبي -صلى الله عليه وسلم- أمر في شهداء أحد بدفنهم بدمائهم، ولم يغسَّلوا، ولم يصل عليهم".
قال الشافعي: لعل الحكمة في ترك الغسل والصلاة؛ لأن يلقوا ربهم بكُلومهم، واستغْنَوا بإكرام الله لهم عن الصلاة عليهم.
قال إمام الجرمين: معتمدنا الأحاديث الصحيحة في أنَّهم لم يغسَّلوا، ولم يصل عليهم.
7 - اختلف العلماء في حكم تغسيل مَن قُتل ظلمًا: فالمشهور من مذهب الإمام أحمد: أنَّه لا يغسل، ولا يصلى عليه. قال في "شرح الإقناع": "ومن قتل ظلمًا في غير حرب، ألحق بشهيد المعركة، في أنَّه لا يغسل، ولا يصلى عليه".
لما روى أبو داود (4772)، والترمذي (1421) من حديث سعيد بن زيد قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "مَنْ قُتِلَ دُونَ دَمه فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد، ومن قتل دون ماله فهو شهيد"، ولأنَّهم مقتولون بغير حق، أشبهوا قتلى الكفار فلا يغسلون.
والرواية الأخرى عن الإمام أحمد: يغسَّل، ويصلى عليه، وهي