مذهب مالك والشافعي؛ لأنَّ مرتبته دون مرتبة الشهيد، فمرتبة المجاهد في سبيل الله لمعرض نفسه للقتل لإعلاء كلمة الله لا -تساويها مرتبة أخرى، قال تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [آل عمران] فإلحاق غيرهم بهم في الأحكام الظاهرة غير وجيه، والحديث الذي استدل به على إلحاقه لا يدل على هذا.
8 - أباح العلماء الدفن في القبر الواحد بعد بلاء الميت الأول بأن يصير ترابًا، ويكفي الظن في ذلك، ويُرجع إلى أهل الخبرة في تلك الناحية التي فيها المقبرة، أما أن يدفن قبل بلاه فلا يجوز؛ فإنَّ للميت حرمة في قبره كحرمة الحي في بيته؛ قال تعالى: {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا (25) أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا (26)} [المرسلات] أحياء في الدور، وأمواتًا في القبور.
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي: القبور رحمة في حقهم، وستر لهم عن كون أجسادهم بادية للسباع وغيرها.
وقال الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ: لا يجوز نبش القبور؛ لأنَّ هذا إهانة للموتى، ومعلوم أنَّ لهم حرمة، وقد سبقوا إلى هذا الموضع، وصار لهم دارًا، فالقبور منازلهم.
9 - قال شيخ الإسلام: قد صحَّ عن النَّبي -صلى الله عليه وسلم- أنَّه قال: "الغريق، والحريق، والمبطون، والنفساء، وصاحب الهدم -شهداء" [رواه أحمد (23241) وأبوداود (3111)]، وذكر في الإقناع وغيره: أنَّ الشهداء غير شهيد المعركة كثيرون، ذكر منهم: ذات الجنب، والمبطون، والمطعون، واللديغ، وفريس السبع، والمتردي، ومن خرَّ من دابته، ومن طلب الشهادة، والمرابط، ومن قُتل دون نفسه أو أهله أو ماله، فهؤلاء شهداء في ثواب الآخرة، لا في أحكام الغسل والصلاة.
قال في "الشرح الكبير": لا نعلم فيه خلافًا. وقال ابن القيم: يغسَّلون، ويصلى عليهم بلا نزاع.