فعكس المشركون هذا وزاروهم زيارة العبادة وجعلو قبورهم أوثانا تعبد فجمعوا بين الشرك بالمعبود وتغيير دينه ومعاداة أهل التوحيد ونسبتهم إلى التنقص للأموات وهم قد تنقصوا الخالق بالشرك وأولياءه الموحدين بذمهم ومعاداتهم وتنقصوا من أشركوا به غاية التنقص بأنهم ظنوا أو يعتقدون أنهم راضون عنهم بهذا وأنهم أمروهم به وهؤلاء أعداء الرسل في كل زمان ومكان وما أكثر المستعجبين لهم؟ ومن جمع بين معرفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في القبور وعرف ما أمر به صلى الله عليه وسلم ونهى عنه وعلم ما عليه أصحابه والسلف الصالح ورأى ما عليه أكثر الناس اليوم رأى بينهما فرقا عظيما ومخالفة صريحة لسننه صلى الله عليه وسلم فالنبي صلى الله عليه وسلم نهى عن اتخاذها مساجد وهؤلاء يبنون عليها المساجد. ونهى عن تسريجها وهؤلاء يوقفون الأوقاف على إضاءتها ونهى أن تتخذ أعيادا وهؤلاء يتخذونها أعيادا وأمر بتسويتها كما في صحيح مسلم عن جابر ونهى عن الكتابة عليها كما رواه الترمذي عن جابر ونهى أن لا يزاد عليها غير ترابها كما رواه أبو داود عن جابر وهؤلاء يتخذون عليها القباب ويكتبون عليها القرآن ويزيدون على ترابها بالجص والآجر والأحجار وقد آل الأمر بهؤلاء الضلال إلى أن شرعوا للقبور حجا. وانظر إلى هذا التباين العظيم بين ما شرعه الرسول صلى الله عليه وسلم لأمته وما شرعه هؤلاء ونحن لا ننكر ما لأولياء الله من الفضل العظيم عند الله، قال تعالى: (ألا إن أولياء الله لاخوف عليهم ولاهم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون) ولكن لا يلزم من هذا دعاؤهم والاستعانة بهم والتوجه إليهم في طلب الحوائج وكشف الشدائد بل هذا لله وحده وإنما ينبغي الاقتداء بأفعالهم والاهتداء بأقوالهم ما داموا متبعين للكتاب والسنة لا يأمرون ولا ينهون إلا وفق ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والله الموفق الهادي إلى سواء السبيل وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.