نسبة الملك إلى رعيته

ويجب أن تكون نسبة الملك إلى رعيته نسبة أبوية ونسبة رعيته إليه نسبة بنوية ونسبة الرعية بعضهم إلى بعض نسبة أخوية حتى تكون السياسات محفوظة على شرائطها الصحيحة. وذلك أن مراعاة الملك لرعيته هي مراعاة الأب لأولاده ومعاملته إياهم تلكالمعاملة. وقد كنا أشرنا إلى ذلك وسنزيده بيانا إذا صرنا إلى ذكر سياسة الملك في موضع آخر. وعنايته برعيته يجب أن تكون مثل عناية الأب بأولاده شفقة وتحننا وتعهدا وتعطفا خلافة لصاحب الشريعة صلى الله عليه وسلم بل لمشرع الشريعة تعالى ذكره في الرأفة والرحمة وطلب المصالح لهم ودفع المكاره عنهم وحفظ النظام فيهم وبالجملة في كل ما يجلب الخير ويمنع الشر. فإنه عند ذلك تحبه رعيته محبة الأولاد للأب الشفيق وتحدث بينهما تلك النسبة وإنما تختلف هذه المحبات بالتفاضل الذي يكون بعظم المنافع.

فيجب أن يكرم الأب كرامة أبوية. ويكرم السلطان كرامة سلطانية، ويكرم الناس بعضهم بعضا كرامة أخوية ولكل مرتبة من هذه استئهال خاص بها واستحقاب واجب لها. فإذا لم يحفظ بالعدالة زاد ونقص وعرض لها الفساد وانتقلت الرياسات وانعكست الأمور فيعترض لرياسة الملك أن تنتقل إلى رياسة التغلب ويتبع ذلك أن تنتقل محبة الرعية إلى البغض له ويعرض لرياسات من دونه مثل ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015