وقد رأينا أهل الشقاوة يعملون عمل الإعفاء وعمل الشجعان وهم أبعد الناس عن كل فضيلة. وذلك أنهم يصبرون عن الشهوات كلها ويصبرون على عقوبات السلطان وضرب السياط وتقطيع الأعضاء والجراحات التي لا يؤمن منها وينتهون فيها لأقصى الصبر على الصلب وثمل العيون وقطع الأيدي والأرجل وضروب التمثيل طلبا لإسم وذكر بين قوم في مثل حالهم من سوء الإختيار ونقصان الفضائل. وقد يعمل أيضا عمل الشجعان من يخاف لأئمة عشيرته أوعقوبة سلطان أو خوف سقوط جاهه أو ما أشبه ذلك.

وقد يعمل عمل الشجعان من اتفق له مرارا كثيرة أن يغلب أقرانه فهو يقدم ثقة منه بالعادة الجارية وجهلا بمواقع الإتفاقات. وقد يعمل عمل الشجعان العشاق وذلك أنهم يركبون الأهوال في طلب المعشوق لرغبتهم في الفجور أو لحرصهم على متعة العين منه لا لطلب الفضيلة ولا لإختيار الموت الجميل على الحياة الرديئة كما يفعل الشجاع بالحقيقة. وأما شجاعة الأسد. وذلك أنها قد وثقت بقوتها وأنها تفوق غيرها فهي تقدم لا بطبيعة الشجاعة بل لتمام القدرة وثقة النفس والغلبة. وهو كصاحب السلاح منا إذا قدم على الأعزل. وليست هذه شجاعة مع عدم الإختيار الذي يستعمله الشجاع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015