واحد من آحاد المياه فقد يظن أنه كلي بهذا المعنى. فكذلك إذا رأى اليد مثلاً حصل في الخيال وفي العقل وضع أجزائه بعضها مع بعض وهو انبساط الكف وانقسام الأصابع عليه وانتهاء الأصابع على الأظفار، ويحصل مع ذلك صغره وكبره ولونه. فإن رأى يداً أخرى تماثله في كل شيء لم يتجدد له صورة أخرى بل لا تؤثر المشاهدة الثانية في إحداث شيء جديد في الخيال، كما إذا رأى الماء بعد الماء في إناء واحد على قدر واحد وقد يرى يداً أخرى تخالفه في اللون والقدر فيحدث له لون آخر وقدر آخر ولا يحدث له صورة جديدة لليد، فإن اليد الصغير الأسود يشارك اليد الكبير الأبيض في وضع الأجزاء ويخالفه في اللون والقدر، فما يساوي فيه الأول لا تتجدد صورته إذ تلك الصورة هي هذه الصورة بعينها وما يخالفه يتجدد صورته.
فهذا معنى الكلي في العقل والحس جميعاً فإن العقل إذا أدرك صورة الجسم من الحيوان فلا يستفيد من الشجر صورة جديدة في الجسمية كما في الخيال بإدراك صورة الماءين في وقتين، وكذى في كل متشابهين وهذا لا يؤذن بثبوت كلي لا وضع له أصلاً. على أن العقل قد يحكم بثبوت شيء لا إشارة إليه ولا وضع كحكمه بوجود صانع العالم، ولكن من أين أن ذلك لا يتصور قيامه بجسم؟ وفي هذا القسم يكون المنتزع عن المادة هو المعقول في نفسه دون العقل والعاقل. فأما المأخوذ من المواد فوجهه ما ذكرناه.