مسألة في إبطال قولهم إن النفوس الإنسانية يستحيل عليها العدم
بعد وجودها وأنها سرمدية لا يتصور فناؤها
فيطالبون بالدليل عليه. ولهم دليلان:
أحدهما قولهم إن عدمها لا يخلوا إما أن يكون بموت البدن أو بضد يطرى عليها أو بقدرة القادر. وباطل أن تنعدم بموت البدن فإن البدن ليس محلاً لها بل هو آلة تستعملها النفس بواسطة القوى التي في البدن، وفساد الآلة لا يوجب فساد مستعمل الآلة إلا أن يكون حالاً فيها منطبعاً كالنفوس البهيمية والقوى الجسمانية، ولأن النفس فعلاً بغير مشاركة الآلة وفعلاً بمشاركتها فالفعل الذي لها بمشاركة الآلة التخيل والإحساس والشهوة والغضب فلا جرم يفسد بفساد البدن ويفوت بفواته، وفعلها بذاتها دون مشاركة البدن إدراك المعقولات المجردة عن المواد ولا حاجة في كونه مدركاً للمعقولات إلى البدن بل الاشتغال بالبدن يعوقها عن المعقولات، ومهما كان لها فعل دون البدن ووجود دون البدن لم تفتقر في قوامها إلى البدن.
وباطل أن يقال إنها تنعدم بالضد إذ الجواهر لا ضد لها، ولذلك