وعيشه معها وتفضيل الرعاية التي تقدمها للطفل. وبذلك تنساب العلاقة القائمة بينهما كزوجين وبينهما وبين الطفل، وهنا يظهر التفعيل للدور الوالدي، الذي يعد غياب الطفل بالنسبة لهذا الدور الوالدي بمثابة كمون لهذ الدور وعدم تفعيل له.

ولما كانت الأم هي من يقدم الطفل لأبيه، يصبح من الأفضل أن تهتم بالرضيع أثناء وجود الأب في المنزل، وتحت نظره، ولا مانع من تعاونه بدلا من الإسراع للقيام بهذا الدور قبل حضور الأب إلى المنزل، وإذا كان من المفيد طلب الأم مساعدة الاب أثناء قيامها بمهامها تجاه الطفل، فإن ذلك يجب أن يكون حسب رغبة الأب، إذ ينبغي قبل كل شيء احترام رغباته، فالآباء يختلفون فهناك من يتملكهم الإحساس بأنهم أقدر من زوجاتهم فنجدهم يفضلون التدخل في كل كبيرة وصغيرة. وإذا لم تتفهم الأم ذلك فإن الأمر يعوق تفعيل الدور الوالدي، وأفضل وسيلة لتحقيق التفعيل المطلوب أن يساعد الأب زوجته على رعاية الطفل من غير سحقها أو إزالة معالمها كأم.

إن الطفل يتعرف أولا على الأم وعذوبتها وحنانها، وهذا ما يمكنه لاحقا من التعرف على صفاتها الأخرى كالقسوة والحزم التي تتراكم من خلاله صور ذهنية عند الطفل، وهذه الصور هي التي تشكل المنطلق الرئيسي لدخول الأم عالم الطفل على امتداد مراحل طفولته، باعتبار الأب هو القوى، الموقر، الذي يستطيع دفع الطفل إلى احترام القواعد وتعاليم المجتمع وتقبل التقاليد.

وعندما يدخل الأب في حياة الطفل، يحول هذا الأخير بعض المشاعر التي أحس بها سابقا تجاه بعض صفات الأم كالحزم والقسوة ... إليه كأب وهذه ما يريح الأم إذ تتخلص من بعض الأعباء فيمكنها التفرغ لمسئولياتها الأخرى.

إن وجود الأب ضروري جدا في المنزل كي تحس الأم بالسعادة، والطفل حساس جدا تجاه هذا التفاهم والتناغم بين الوالدين. والود بين الأب والأم يشكل واقعا صلبا يبني الطفل حوله العديد من الإيهامات.

إن ضرورة وجود الأب إلى جانب الأم تكمن في ذلك الدعم المادي والمعنوي الذي يقدمه لها فيساعدها على دعم سلطتها تجاه الطفل بفضل تجسيده للقانون والنظام اللذين تدخلهما الأم في حياة الطفل. ودعم الأب للأم لا يتطلب منه حضورا دائما في المنزل بل يحتاج إلى وجوده الرمزي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015