ويساعد وجود الأب في المنزل "إلى جانب الأم" الطفل في اختباره ومن ثم عيشه للمشاعر المتناقضة التي تتجاذبه فيتمكن بذلك من الاستمرار بحب أحدهما كي يكره الآخر "والعكس صحيح"، بينما يضطره غياب أبيه عن ساحة نموه لتوجيه مختلف المشاعر المتناقضة والمتجاوبة في ناحية الشخص نفسه، وهذا ما يثير الغموض بداخله. كما أن ذلك يصعب على الأم مهمتها إذ يستحيل عليها تمثيل صورة الحنان والحب إلى جانب الحزم والمنع والقسوة عند الاقتضاء.
إن ضرورة وجود الأب تنطلق من صفاته الإيجابية والعناصر المميزة له كذكر راشد يختلف عن الأم كأنثى كما يختلف عن باقي الراشدين الذكور بسبب وضعه الخاص بالنسبة للطفل وإحساس هذا الطفل بقوة شخصية الأب.
وعندما يتقبل الوالدان معا مسئولية رعاية طفلهما، فإن ذلك يشكل أرضا خصبة لبناء منزل سعيد، قائم على التفاهم تتذلل فيه الصعوبات بصور تلقائية.
وللوسط أو الطبقة الذي يعيش فيه الوالدان والطفل دور جوهري في الطريقة التي يتفاعل بها كل نحو الآخر، ففروق الطبقات الاجتماعية والاقتصادية تعلن عن اختلافات في مستويات وأساليب التنشئة.
فلقد اتضح أن الأسر من الطبقة المتوسطة أكثر شدة وقسوة من أسر الطبقة الفقيرة في تدريب أطفالهم على النظافة والغذاء ويعتمد أمهات الطبقة الفقيرة على العقاب البدني والصياح عند محاولة ضبط الطفل. ويدرك أبناء الأسر ذات المستوى الاجتماعي الاقتصادي المرتفع أن آباءهم مبتعدون عن فرض القيود والنشاط.
ويعد وضع أسرة كل من الوالد والوالدة اجتماعيا واقتصاديا وثقافيا مهما في توجيه الأطفال وإرشادهم والرغبة في مشاهدتهم على نحو مماثل أو أعلى باستمرار وفي الوقت الذي يحاول فيه أبناء الطبقات الراقية الحفاظ على أطفالهم في نفس المستوى، نجد أبناء الطبقات المتوسطة والمنخفضة يسعون جاهدين للارتقاء بمستوى أطفالهم، وينعكس ذلك على توجيهاتهم لأطفالهم وأساليب معاملتهم في ضوء ما لديهم من مستوى اقتدار.
وإذا كان المتوقع أن تترك جملة العوامل أو القوى آثارها على تنشئة الأطفال فلا يجب أن نغفل خصال Child Charactirstices ذلك الطفل النامي.