قال الإمام الغزالي: "اعلم أن الطريق في رياضة الصبيان من أهم الأموال وأوكدها، والصبي أمانة عند والديه، وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة ساذجة خالية من كل نقش وصورة، وهو قابل لكل ما نقش، ومائل إلى كل ما يمال به إليه، فإن عود الخير وعلمه نشأ عليه وسعد في الدنيا والآخرة وشاركه في ثوابه أبواه وكل معلم له ومؤدب، وإن عود الشر وأهمل إهمال البهائم شقي وهلك، وكان الوزر في رقبة القيم عليه والوالي له".
وقرابة عام 755هـ قدمت وجهة نظر ابن خلدون في أن القرآن الكريم هو أصل التعليم وأساس التنشئة. ويقول ابن خلدون: "إن الغاية من ذلك الوصول بالوليد إلى رسوخ العقائد الإيمانية في نفسه، وغرس أصول الأخلاق الكريمة عن طريق الدين، الذي جاء مهذبا للنفوس ومقوما للأخلاق باعثا على الخير".
ويقول ابن خلدون: "اعلم أن تعليم الولدان للقرآن شعار من شعائر الدين، أخذ به أهل الملة، ودرجوا عليه في جميع أمصارهم، لما يسبق فيه إلى القلوب من رسوخ الإيمان وعقائده من آيات القرآن وبعض متون الأحاديث، وصار القرآن أصل التعليم الذي يبني عليه غيره من العلوم. ولكل مصر وجهة في تعليمه للولدان، فأهل المغرب يقتصرون على تعليم القرآن فقط، ويأخذون في أثناء المدارسة بالرسم ومسائلة، واختلاف حملة القرآن فيه، لا يخلطون ذلك بسواه، لا بحديث، ولا فقه، ولا شعر ... وأهل الأندلس جعلوه أصلا في التعليم فلا يقتصرون لذلك عليه فقط بل يخلطون في تعليمهم للولدان رواية الشعر في الغالب والترسل وأخذهم بقوانين العربية وحفظها وتجويد الخط والكتاب، ولا تختص عنايتهم في التعليم بالقرآن دون هذه بل عنايتهم فيه بالخط أكثر من جميعها إلى أن يخرج الولد من عمر البلوغ إلى عمر الشبيبة ... أما أهل إفريقيا فيخلطون في تعليمهم للولدان للقرآن بالحديث في الغالب، ومدارسة قوانين العلوم وتلقين بعض مسائلها، إلا أن عنايتهم بالقرآن واستظهار الولدان إياه، ووقوفهم على اختلاف رواياته وقراءاته أكثر مما سواه".
ويؤكد ابن خلدون على الرحمة بالأطفال والرأفة بهم والإشفاق عليهم، والعمل على تهذيبهم باللين واللطف، لا بالشدة والعنف، لأن مجاوزة الحد مضرة