ومفسدة للأخلاق. فإذا أخذ الطفل بالقسوة والشدة ضاعت نفسه وذهبت ريحه، ويحمله هذا على الكذب والخبث والنفاق.
لقد ذاع صيت الفكر الإسلامي في تنشئة الأطفال، واهتم الآباء والمربون بأساليب إسلامية في التنشئة. إلا أن هناك أفكارا جاء بها رواد من الغرب آخرون نبعت أفكارهم وآراؤهم من تجارب على عينات Samples مهما كانت محدودة، ولم تأت أساليب المعاملة التي ينشدونها من جذور للدين كما لاحظنا في التراث الإسلامي.
ففي الفترة ما بين 1910-1930م نظر السلوكيون رضي الله عنهehaviorism وفي مقدمتهم Watson إلى أن الطفل كشيء قابل للتشكيل عن طريق الإشراط والاقتران، ولم يعيروا الاهتمام لحاجات الطفل وشعوره إلا القليل، أو حتى للفروق الجينية والاستعدادات والخصائص المزاجية. وركز السلوكيون في هذه الفترة على العوامل البيئية ودروها في إكساب الأطفال ما نريد، وأن نكبح من السلوك ما نريد أي نوقف غير المرغوب من السلوك وذلك عن طريق التعزيز والإثابة أو العقاب على السلوك الاجتماعي. ومن هنا نكسب الأطفال العادات الحسنة ونبطل العادات السيئة.
ومهمة الوالدين في نظر watson البعد عن تدليل الأطفال بأسلوب صارخ أو حتى واضح، وعليهم معاملة الأطفال على أنهم بالغون نسبيا، مع اتباع أسلوب موضوعي لا تتجاوز فيه العاطفة حدودها كالإسراف في تقبيله أو حضنه، ويوصي الوالدين بالبعد عن استخدام الحنان الظاهر لأنه أسلوب لا جدوى منه. ويشير إلى أن حب الأم عائق شديد وآلة حادة يمكن أن تجرح جروحا عميقة لا تلتئم، ويجعل مرحلة الطفولة غير سعيدة والمراهقة مثل الكابوس، كما أن الحب الشديد من جانب الأم يدمر حياة الطفل الزوجية السعيدة فيما بعد بل وتنعكس آثاره السلبية على حياته المهنية مستقبلا. ووصل تأثير watson إلى الكتب الحكومية في الولايات المتحدة، حتى إن كتب العناية بالطفل صارت إلى أنه لا يسمح للطفل بمص أصابعه، وإذا حدث ذلك فالأمر يستوجب ربط ذراع الطفل بالسرير أو إلباسه قفازا أو دهان أصابعه بسائل كريه، بالإضافة إلى عقاب الأطفال إذا تسببوا في اتساخ أنفسهم، كما نصح الآباء بترك أطفالهم يبكون خوفا من تعزيز سلوكيات غير مقبولة عن طريق تهدئتهم.