وأساس التنشئة الإسلامية هو القرآن الكريم، الذي يحفظه الصغار فيهذب أخلاقهم، ويصفي نفوسهم، ويتعودون من خلاله على مكارم الأخلاق ... وتبدأ التنشئة الإسلامية عن طريق المحاكاة والتلقين، ذلك أن الطفل ينشأ فيرى أبويه يقرأان القرآن الكريم بالإضافة للشعائر الأخرى، فتنطبع في ذهنه هذه الصورة، ويترسم خطاها بالتقليد أو بالتوجيه والدفع.
ولقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى في توضيح أساليب التنشئة الوالدية، فهو مثلا يطالب بالرفق بالأطفال، وعلاج أخطائهم بروح الشفقة والرأفة والعطف والرحمة، ومعرفة البواعث التي أدت إلى هفواتهم والعمل على تداركها وإفهام الأطفال نتيجتها.
ولم يقر صلى الله عليه وسلم الشدة والعنف في معاملة الأطفال، واعتبر الغلظة والجفاء في معاملة الأولاد نوعا من فقد الرحمة من القلب، وهدد المتصف بها بأنها عرضة لعدم حصوله على رحمة الله حيث قال عليه السلام للأقرع بن حابس حينما أخبر أنه لا يقبل أولاده: "من لا يَرحم لا يُرحم".
ولقد دعا نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم إلى تأديب الأطفال، وغرس الأخلاق الكريمة في نفوسهم وتعويدهم حسن السمات والتحلي بالصدق والأمانة واحترام الكبير فقال صلى الله عليه وسلم: "ليس من أمتى من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه".
وأخرج ابن ماجة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أكرموا أولادكم وأحسنوا أدبهم".
وعن أيوب بن موسى عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما نحل والد والدا من نحل أفضل من أدب حسن" فلا ينبغي الإكثار من لوم الطفل لتأديبه أو تأنيبه وتوبيخه لزلاته، لأن الإكثار من التأنيب يميت قلب الطفل، ولهذا فالحكمة أفضل عند تأديب الطفل.
وقبل 505هـ نادى الغزالي بتكوين العادات الحسنة في الأطفال منذ الصغر، بتعويدهم التبكير في النوم والتبكير في الاستيقاظ والتشجيع على المشي والحركة وعدم البصق في المجالس أو التثاؤب بحضرة الغير، وتجنب الحلف بالله صادقا أو كاذبا، وأن يطيعوا الأبوين والمعلمين.