الخامسة والثلاثون: أنها سبب لهداية العبد وحياة قلبه، فإنه كلما أكثر الصلاة عليه وذكره، استولت محبته على قلبه، حتى لا يبقى في قلبه معارضة لشيء من أوامره، ولا شك في شيء مما جاء به، بل يصير ما جاء به مكتوباً مسطوراً في قلبه، لا يزال يقرؤه على تعاقب أحواله، ويقتبس الهدى والفلاح وأنواع العلوم منه، وكلما ازداد في ذلك بصيرة وقوة ومعرفة، ازدادت صلاته عليه صلى الله عليه وسلم.
فذكره صلى الله عليه وسلم وذكر ما جاء به، وحمد الله تعالى على إنعامه علينا ومنته بإرساله، هو حياة الوجود وروحه، كما قيل:
رُوحُ المجالِسِ ذِكْرُهُ وحديثُهُ ... وهُدَى لِكُلِّ مُلدَّدٍ حَيْرَانِ
وإذا أُخل بِذِكْرِهِ في مَجْلِسٍ ... فأُولئِكَ الأمواتُ في الحيَّانِ
السادسة والثلاثون: أنها سبب لعرض اسم المصلي عليه صلى الله عليه وسلم وذكره عنده، وكفى بالعبد نبلاً أن يذكر اسمه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
السابعة والثلاثون: أنها سبب لتثبت القدم على الصراط، والجواز عليه.
الثامنة والثلاثون: أن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم أداء لأقل القليل من حقه، وشكر له على نعمته التي أنعم الله بها علينا، مع أن الذي يستحقه من ذلك لا يحصى علماً ولا قدرة، ولا إرادة، ولكن الله سبحانه لكرمه رضي من عباده باليسير من شكره وأداء حقه.
التاسعة والثلاثون: أنها متضمنة لذكر الله وشكره، ومعرفة إنعامه على عبيده بإرساله، فالمصلي عليه صلى الله عليه وسلم قد تضمنت صلاته عليه ذكر الله وذكر رسوله، وسؤاله أن يجزيه بصلاته عليه ما هو أهله، كما عرفنا ربنا وأسماءه