ذلك ونقصانه بحسب زيادة الحب ونقصانه في قلبه، والحس شاهد بذلك، حتى قال الشعراء بذلك:
عَجِبتُ لمن يَقُولُ ذَكَرتُ حِبِّي
وَهَلْ أنْسَى فَأذكُرُ مَنْ نَسِيتُ
فتعجب هاذا المحب ممن يقول: ذكرت محبوبي، لأن الذكر يكون بعد النسيان، ولو كمل حب هاذا لما نسي محبوبه.
وقال آخر:
أُريد لأنْسَى ذِكْرَهَا فَكَأنَّما
تَمَثُّل لي لَيلى بكُلِّ سَبيلِ
فهاذا أخبر عن نفسه أن محبته لها مانع له من نسيانها.
وقال آخر:
يُرادُ من القَلْبِ نِسْيانُكُم
وَتأْبَى الطَّبَاعُ عَلَى النَّاقِلِ
فأخبر أن حبهم وذكرهم قد صار طبعاً له، فمن أراد منه خلاف ذلك أبت عليه طباعه أن تنتقل عنه. والمثل المشهور: من أحب شيئاً أكثر من ذكره، وفي هاذا الجناب الأشرف أحق ما أنشد:
لو شُقَّ عن قَلْبي ففى وَسْطهِ ... ذِكْرُكَ والتَّوحيدُ في شطره
الرابعة والثلاثون: أن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم سبب لمحبته للعبد، فإنها إذا كانت سبباً لزيادة محبة المصلى عليه له، فكذلك هي سبب لمحبته هو للمصلي عليه صلى الله عليه وسلم.