وصفاته، وهدانا إلى طريق مرضاته، وعرفنا ما لنا بعد الوصول إليه، والقدوم عليه، فهي متضمنة لكل الإيمان، بل هي متضمنة للإقرار بوجوب الرب المدعو وعلمه وسمعه وقدرته وإرادته وصفاته وكلامه، وإرسال رسوله، وتصديقه في أخباره كلها، وكمال محبته، ولا ريب أن هذه هي أصول الإيمان، فالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم متضمنة لعلم العبد ذلك، وتصديقه به، ومحبته له فكانت من أفضل الأعمال.
الأربعون: أن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم من العبد هي دعاء.
ودعاء العبد وسؤاله من ربه (تعالى) نوعان:
أحدهما: سؤاله حوائجه ومهماته، وما ينويه في الليل والنهار، فهاذا دعاء وسؤال، وإيثار لمحبوب العبد ومطلوبه.
والثاني: سؤاله أن يثني على خليله وحبيبه [صلى الله عليه وسلم]، ويزيد في تشريفه وتكريمه وإيثارة ذكره، ورفعه، ولا ريب أن الله تعالى يحب ذلك ورسوله يحبه [صلى الله عليه وسلم]، فالمصلي عليه صلى الله عليه وسلم قد صرف سؤاله ورغبته وطلبه إلى محاب الله ورسوله، وآثر ذلك على طلبه حوائجه ومحابه هو، بل كان هاذا المطلوب من أحب الأمور إليه وآثرها عنده، فقد آثر ما يحبه الله ورسوله [صلى الله عليه وسلم] على ما يحبه هو، وقد آثر الله ومحابه على ما سواه، والجزاء من جنس العمل، فمن آثر الله على غيره آثره الله على غيره، ولو لم يكن من فوائد الصلاة عليه إلا هاذا المطلوب وحده لكفى المؤمن به شرفاً (?).