والذي عليه عامة الفقهاء وأهل الأصول والجدل أن الدوران هو القسم الأول فقط وهو دوران الحكم مع الوصف وجودًا وعدمًا وما لم يكن كذلك لا يسمونه دورانًا وما في الفَعَلاَن من المبالغة يُساعِدهم على ذلك وأما اقترانه وجودًا فقط أو عدمًا فقط فلا يَدُلُّ بمجرَّده على العلّية إلاّ بدليل منفصل وهؤلاء لا يكتفون بمجرد الاطراد دليلاً على العلية حتى يكون معه دليلٌ على ذلك من مناسبةٍ أو انعكاسٍ يُقوِّي الطردَ أو تأثيرٍ أو شهادةِ الأصول أو غيرِ ذلك من الطرق التي يُعلَم بها كونُ الوصفِ مناطًا للحكم
وأكثر من رأيناه يَستدلُّ بالطرد المحض لا يُسمّيه دورانًا وإنما جعلَه من قسم الدوران طائفة من المتأخرين والأمر في ذلك يؤول إلى الاصطلاح فأما كونه دليلاً على كون الوصف علةً فهو أمرٌ علميٌّ وما لم يُشَمَّ منه رائحةُ الاقتضاء والتأثير ففي تعليق الحكم الشرعي به ورَبْطِه به نظرٌ والذي عليه جماهير المحققين إنكارُ ذلك ثم مع ذلك فاستعمال الفقهاء المتأخرين في مصنفاتهم له أكثر من أن تُحصَى وتحقيق القول فيه يحتاج إلى تأصيل وتفصيل ليس هذا موضعه
وأجمع المعتبرون على أن ما عُلِم استقلالُ غيرِه بالحكم لم يُلتفت إليه إنما التردد عند انحسام مسالك أقيسة المعاني فقد يكون الطرد منّا متوجهًا لا سيما عند من يقر به من الشبه والغالب عليه أنه لا حاصل فيه وما كان مدارًا وجودًا وعدمًا فإنه لا يتعدد أما ما كان