تضمَّنت الثناءَ عليهم وجَعْلهم أئمة لمن بعدهم فلو لم يُفد إلا اتِّباعهم في أصول الدين والشرائع لم يكونوا أئمة في ذلك لأنَّ ذلك معلوم مع قطع النظر عن اتباعهم

وأما قوله الثناء على من اتبعهم كلهم

فنقول الآية اقتضت الثناء كلَّه على من اتبع كلَّ واحدٍ واحدٍ منهم كما أن قوله وَالسَّابِقُونَ وقوله الَّذِينَ يقتضي حصول الرضوان لكلِّ واحدٍ واحدٍ من السابقين والذين اتبعوهم فى قوله رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ [التوبة 100] فكذلك في قوله اتَّبَعُوهُمْ لأنَّ حُكم الاتباع عُلِّق عليهم في هذه الآية فقد تناولهم مجموعِيْن ومُنْفَرِدِيْن

وأيضًا فإن الأصل في الأحكام المعلَّقة بأسماء عامة ثبوتُها لكلِّ فردٍ فردٍ من تلك المُسَمَّيات كقوله وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ [البقرة 43] وقوله لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ [الفتح 18] وقوله وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (119) [التوبة 119]

وأيضًا فإن الأحكام المعلَّقة على المجموع يؤتى فيها باسم يتناول المجموع دون الأفراد كقوله وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا [البقرة 143] وقوله كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ [آل عمران 110] وقوله وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ [النساء 115] فإن لفظ الأمة ولفظ سبيل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015