بعدهم

واختلفوا أيضًا فيما إذا قال قولاً لا يخالفُ القياسَ هل يُحمل على أنه قاله توقيفًا وذهب أكثرُ الشافعية وطوائفُ من الحنبلية إلى أنه لا يجب اعتقادُ كونه قاله توقيفًا والغرضُ الآن بيان قوله المجرَّد هل هو حُجة أو لا

والدليلُ على وجوب اتِّباعه وجوه

أحدها ما احتجَّ به مالك وهو قوله تعالى وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (100) [التوبة 100]

فوجه الدليل أنَّ الله أثنى على من اتبعهم فإذا قالوا قولاً فاتَّبعهم عليه مُتَّبعٌ قَبْل أن يعرف صحَّته فهو متَّبعٌ لهم فيجب أن يكون محمودًا على ذلك وأن يستحق الرضوان ولو كان اتباعهم تقليدًا محضًا كتقليد بعض المفتين لم يستحق من اتَّبَعهم الرضوان إلا أن يكون عامِّيًّا فأما العلماء المجتهدون فلا يجوز لهم اتباعهم

فإن قيل اتِّباعهم هو أن يقول ما قالوا بالدليل وهو سلوكُ سبيل الاجتهاد لأنهم إنما قالوا بالاجتهاد والدليل عليه قولُه بِإِحْسَانٍ ومن قلَّدهم لم يتَّبِعْهم بإحسان لأَّنه لو كان مطلق الاتباع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015