على معنى يفتقر إلى إضمار لأن الإضمار خلاف الأصل
الوجه الثامن أن الإضمار إنما يجوز إذا دلَّ على سياق الكلام إما بأن لا يصح الكلامُ إلا به كقوله وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ [يوسف 82] وقد علم أنَّ الجدران والأرض والسقوف لا تُسأَل ونحو ذلك وهنا الكلام يصح بدون هذا الإضمار وليس في اللفظ قرينة تدلُّ عليه فتمتنع إرادتُه وهذا قاطِعٌ في نفي الإضمار لأنّ شَرْط جوازه معدوم ولهذا لم يقصد هذا المعنى في مثل قوله وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [الحج 78] وقوله يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ [البقرة 185] وبيّن ذلك بأن أضاف نفيَ الحرجِ والعُسْر إلى الله ليعلم أنه هو الذي نفاه عن حكمه في دينه وهنا فاعل الضرر والإضرار غير مذكور ومحله هو أفعال العباد فوجب أن يجعل فاعله هو فاعل محله ويكون المعنى أيها الدائن الإسلام لا تُدْخِل فيه ضررًا ولا إضرارًا
الوجه التاسع أن سياق الحديث وما قُرِن به وضُمَّ إليه يدلُّ على أنه قصد به نفي الضرر أو الإضرار في أفعال العباد بل في بعض أفعالهم وذلك أنه قال صلى الله عليه وسلم لا ضرر ولا إضرار وللجار أن يضع خشبةً في حائط جاره وإذا اختلَفْتُم في الطريقِ فاجعلوه سبعةَ أَذْرُع ولابدَّ أن يكون بين الجُمَل المعطوف بعضها على بعض نوعُ مناسبةٍ والمناسبة هنا أن التجاور في الأملاك مَظِنَّة أحد الجارين بالآخر