وبدليلٍ آخر ينفي الآخر وليس لدليلِ ثبوتِ أحدِهما إشعارٌ بانتفاء الآخر ولا لدليل الانتفاءِ إشعارٌ بثبوتِ الآخر بل يجوز أن يستدلَّ بدليلِ ثبوتِ أحدِهما على ثبوتِ الآخر كما يستدلُّ على انتفائه ويجوز أن يمنع الحكم هناك على تقدير خلاف المدَّعَى هناك وفَرَضْنا ثبوتَ موجب الدليلين لكان ذلك أمرًا اتفاقيًّا لا لزوميًّا والأمرُ الاتفاقي لا يدلُّ على التنافي لجواز تغيرُّ الحال الاتفاقية ولأنه لا مناسبة بينه وبين ما استدلَّ به عليه ولابدَّ أن يكون بين الدليل والمدلول نوعُ علاقة ورباط ولأنَّ التنافي هو كون أحدهما ينفي الآخر بنفسه أو بلازِمِه من حيث هو لازِمُه لا كون هذا اتفقَ انتفاؤُه عند وجود هذا لا سيما إذا اتفق انتفاؤه عند وجوده وعند عدمه لكن
إنَّما أثبتوه بجنس أدلَّتِهم في الجملة وذلك له صور متعدِّدة لأن انتفاء الاجتماع على كلِّ تقدير له أسباب متعدِّدة منها ما ذكره وهو القياس بأن يقال المشترك بين الصورتين لا يخلو إما أن يكون مقتضيًا وجوبَ الزكاة أو لا يكون ويعني بالمشترك بينهما حصول المصالح المتعلِّقة بالوجوب منهما أو كون الوجوب طريقًا إلى تحصيلها فإن ما يشتركان فيه من ذلك إما أن يكون موجبًا لوجوب الزكاة أم لا فإن كان مقتضيًا وجبت الزكاةُ هناك عملاً بالموجب وحينئذٍ فلا يجتمع الوجوبُ هنا والعدم هناك وإن لم يكن المشترك مقتضيًا للوجوب لم تجب الزكاة هنا عملاً بالنافي لوجوب الزكاة السالم عن معارضة موجبه المشترك وحينئذٍ لا يجتمع