وأصلُ اللفظ أن يكون كلٌّ منهما ينفي الآخر كالضدين لأن التنافي تفاعُلٌ من النفي فأصله أن يكون كلٌّ منهما يفعل مع الآخر مثل ما يفعل الآخرُ معَه فيكون معناه عدم اجتماعهما فقط فعلى هذا أيُّ المتنافيين تحقَّقَ انتفى الآخر ولا يجوز أن يكون النفي من أحد الجانبين دون الآخر لأن أحد الشيئين متى نُفِيَ الآخر لم يجتمع معه فلو فرَضْنا تحقُّقَ المنفيِّ امتنع تحقُّق النافي وإلا لاجتمع مع المنفيِّ وهو خلاف المفروض وكذلك لو تحقَّق النافي امتنع تحقق المنفي بخلاف اللزوم فإنه قد يتحقَّق اللازم بدون ملزوِمه لأن مقتضى اللزوم إنما هو وجودُه مَعَه فيجوز وجوده بدونه لأن ذلك لا ينافي وجوده معه وأما النَّفي فمقتضاه عدم الاجتماع فيمتنع اجتماع الوجُوْدَين
ثم التنافي على ثلاثة أقسام لأن المُنَافي إِما أن ينافي الآخر وجودًا فقط أو عدمًا فقط أو وجودًا وعدمًا فإن تنافيا وجودًا وعدمًا فهو الذي يُقال له الشَّرْطيُّ المنفصلُ الحقيقيُّ الانفصال إذا صيغ التنافي بصيغة الشرط ويقال فيه استثناء عين كلِّ واحد من الأقسام يُنْتِج نقيضَ الآخر واستثناء نقيضِه يُنْتِج عينَه فله في الأصل أربعة استثناءات وهو الذي يقال له مانعُ الجمع والخلوِّ أي يمنعُ اجتماعَ القِسْميَن ويمنع خلوَّهما وربَّما عُبِّر عنه بالمتناقِضَيْن وإن