الثاني إذا تخلَّف الحكمُ عنها في صورة من الصور لاختصاص تلك الصورة بما ينفي الحكمَ فإنَّ ذلك لا يمنع من اقتضائها للحُكْم في صورةٍ ليس فيها ما ينافي الحكم فإنَّ مَن قال أكرمتُ زيدًا لِعِلْمه أو فقرِهِ أو رَحِمِه ثم إنه لم يُكْرِم مَن ساواه في العلم أو الفقر أو الرَّحِم لفسقِه أو لعداوتِه أو لكفْرِه لم يمنع تخلُّفُ الإكرام في هذه الصورة أن يوجَدَ في محلٍّ وُجِد فيه العلم أو الفقر أو الرحم منفكًّا عن هذه الموانع والصوارف
والعلمُ بذلك ضروري لكن يبقى أن يُقال فهل العِلَّةُ في الحقيقة مجموعُ وجودِ الصفات الباعِثَةِ وعدمِ الصفاتِ المانعة أو العلةُ ما ينشأ منه الباعث مع قَطْع النظر عن غيره
هذا محلُّ الاختلاف بيم من يُجَوِّز تخصيصَ العلة والأمر في ذلك قريبٌ يرجعُ إلى اختلافٍ في عبارةٍ واختلافٍ في اصطلاحٍ لا يرجعُ إلى اختلافٍ في استدلالٍ ولا حكم
فمن الناس من يقول العلةُ هي مجموع الأمور التي إذا تحقَّقَت تحقَّقَ الحكمُ ومنهم من يقول العلةُ هو الأمر الذي يكون وجوده مقتضيًا للحكم بحيث يُعْقَل أن يقال وُجِدَ هذا فوُجِدَ هذا ولاشكَّ أن الأول يسمَّى علة والثاني يُسَمَّى علة والأولُ أخصُّ من الثاني