منه صورة كذا وكذا وإن لم يكن قد خُصَّ منه شيءٌ لأن القياس حجة شرعية دالة على خصوص الحكم بنفسه فيجب تقديمه علي العموم كما يجب خبر الواحد لأن تقديمَ العموم يقتضي إبطال القياس بالكلية وتقديم القياس يَبقى معه العملُ بالعموم فيما عدا صورةَ التخصيص والجمعُ بين دليلينِ أولَى من إلغاء أحدهما
ومن قال بقياس التخصيص دون سائر الأقيسة وهم الحنفية وهؤلاء الجدليون قال العامُّ قبل التخصيص نصٌّ في أفراده حقيقةٌ في مسمَّاه وآحادِه لأنه متناولٌ لكل واحدٍ بعمومه ولم يُعارِضْ عمومَه في شيء من الأفراد نصٌّ ولا إجماعٌ يخالفه فلا يجوز أن يعارض نصوص الكتاب والسنة بالأقيسة أما إذا خُصَّ فقد صار مجازًا وبطلَ الاحتجاجُ به عند بعض الناس وعند الباقين فإنّ المتكلم قد علمنا أنه لم يُرِدْ به الاستغراقَ وإلاّ لما خُصَّ منه شيءٌ فإذا كان لم يُرِدْ به الاستغراقَ جاز أن تكون هذه الصورةُ من جملة ما لم يُرِدْه وجاز أن تكون من جملة المراد فإذا لم يعارض فيها قياس كان المقتضي وهو عموم اللفظ قائمًا من غير معارضٍ فيعمل عملَه أما إذا عارضَ فيها قياس فإن المقتضي لإرادتها قد عارضه معارضٌ وهو القياس وترجَّح هذا المعارض بالعلم بعدم إرادة العموم من هذا اللفظ فصار راجحًا ومن حقَّقَ الطريقةَ التي أومأنا إليها في صدر الكلام عرفَ الحقَّ من الباطل وأمكنَه تقريرُ رجحانِ القياس على العموم الضعيف وبالعكس وليس هذا موضعَ استقصاءِ الكلام في