وهذا لعمري تشبيهٌ في الأحكام قريبٌ من تشبيه القدرية في الأفعال
الثالث أن يُعلم أن ذلك الحكم إنما شُرِع لأجل تلك الحكمة وإلاّ فقد تكون هناك حكمة غيرها يُشرَعُ الحكم لأجلها
فإذا تبيّنَ هذه الأركان فالمناسبةُ باعتبار ذلك أقسامٌ
أقعدُها أن يثبت الحكم محصِّلاً لأمر قد دلَّ الشرع على أنه حكمة ومصلحة وان تلك الحكمة مطلوبةٌ من ذلك الحكم كشَرْع العقوبات محصِّلةً للزجر عن الفواحش والقبائح وهذا يوجب المناسبة وهذا لا يختلف فيه أحدٌ من أهل العلم ويسمونه التأثير
ثم ينقسم إلى ما يُؤثِّر عينُه في عين الحكم كتأثير الشدِّة المُطرِبة في التحريم تحصيلاً لمصلحة حفظ العقل التي تحصُلُ به المحافظةُ على ذكر الله وعلى الصلاة والانكفاف عن العداوة والبغضاء وكتأثير نقص العقل بالصِّغَر أو الجنون أو السَّفَه في ثبوت الولاية تحصيلاً لمصلحة حفظ أموالهم وكتأثير القتل العمد في إيجاب القصاص تحصيلاً لمصلحة الحَقْن
والأوّل دلّ عليه قوله إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ [المائدة 91] فعُلِم أن هذه مفسدةٌ أبطلها الشرعُ بتحريم الخمر ومنشأ هذه المفسدة هو