فإن وجدنا حُكمًا يشهد لتلك المصلحة بالاعتبار سميناه مصلحة معتبرة في نظر الشرع كمصلحة حفظ الأصول الستة
وإن وجدنا حكمًا يشهد لذلك الأمر الذي اعتقدناه مصلحةً بالإلغاء والإهدار سمَّيناها مصلحةً مُهْدَرةً وفي حقيقة الأمر لا تكون مصلحةً بل إما أن تكون مَفسدةً خالصةً أو مفسدةً راجحةً على مصلحةٍ إذ لو كانت مصلحةً خالصةً أو راجحةً لاعتبرها الشرع فإنه حكيمٌ لا يُهمِل المصالح لكن الناظر لقصور نظرِه وإدراكِه يَعتقد أنها مصلحةٌ وهذا مثل السياسات الجَوْرِية التي أحدَثها الملوك وحسبوا أنها تحصِّل مصلحة انتظار الأمور ومثل الأعمال المبتدعة التي استحدثَها بعض المتعبدين وحسبوا أنها مصلحة لرضوانِ الله وقُربِهِ وثوابِه مثل العقائد والكلمات المبتدعة التي أحدثَها بعضُ المتكلمين وحسبوا أنها مصلحةٌ لتحقيق الأمور وإدراك الحقائق أو أنها هي الحقُّ في نفس الأمر
وإن لم نَجِدْ شيئًا يَشهد لتلك المصلحة سمينَاها مصلحةً مرسلةً ومناسبةً مطلقةً إن شَهِدَ لها أصلٌ كلّي من أصولِ الشرع ولم يُغيِّر شيئًا من التفاصيل المشروعة بَنَينا الحكام عليها وإلاّ توقفنا عن الحكم
واعلم أن المناسبة لها ثلاثة أركان
أحدها اقتران بالوصف المناسب وشهادة الشرع له بالاعتبار حتى لا يكون مناسبةً مرسلةً