وما يَضرُّهم والمنفعة تؤولُ إلى اللذة التامة التي لا ألمَ فيها في ذاتِ الحيوان مع أن أنواع تلك اللذات ومقاديرها مما لم يَخْطُر على قلب بشر لكن كلَّما كانَ أقربَ إلى حصول ذلك المطلوب كان أبلغ

وباعتبار انقسام المنافع والمضارّ إلى دنيوية وأخروية انقسم الحكماءُ إلى حكماءِ دنيا وحكماءِ آخرة والأحكام الشرعية مشتملة على زيادة الحكمة وتفاوتها ولهذا قال العلماء الحكمة هي علم الشريعة والفقه فيها والعمل بذلك كما نطق به قولُه وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ [آل عمران 164] وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ [الأحزاب 34] وإذا كانت المناسبة لا تتمّ إلا بالحكمة الحاصلة من الفعل أو الحكم فأنواع الحِكَم ومقاديرها مما لا يحيط به علمًا إلاّ الله تعالى ومازال الناس يبحثون عن أسرار الشريعة ويطلعون في كل وقتٍ على أنواع من الحِكَم وكم من شيء يعتقد كثيرٌ من الناس أنه حكمةٌ ومصلحةٌ يجب تحصيلُها أو انه يَفَهٌ ومفسدةٌ يجب دفعُها وليس كذلك في نظر الشارع لأن حقائقَ ما يَنفع الناسَ وما يَضُرُّهم في أمر المعاد بل في أمر الدنيا أيضًا لا تُعلَم إلا بالوحي المنزل من عند الله فلهذا كان إثبات علِّية الوصفِ بالمناسبة خطرًا وقد يَغلَط فيه كثيرٌ من الناس أو أكثرهم

ثم اعلم أنّ كثيرًا من الأحكام أو أكثرها أو كلّها لابدَّ لها من أسبابٍ تناسبُ الحكم ومعنى السبب هنا هو ما يَنشأُ منه كون الفعل أو حكمه محصِّلاً للمصلحة والحكمة ولولا ذلك السبب لم يكن ذلك الفعل أو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015