وموجبًا له مثل الوالد كما يولد الوالد ولده فيصير بينهما مناسبة ولابدّ لكل مناسبة من حكمةٍ تَحصُل من الحِكَم باعتبارها يصيرٌ الحكمُ ثابتًا كالتقوى التي هي حكمة الصوم وسَدُّ الفاقات التي هي من حكمة الزكاة وحَقْن الدماء التي هي من حكمة القصاص وحفظ الأنساب والعقول والأديان والأموال والأعراض التي هي حكمة الحدود فيسمُّون المصلحة الحاصلة بالحكم أو بالفعل الذي هو محلّ الحكم حكمةً ويُسمَّى نفس ذلك الفعل حكمة كما يقال الصَّمتُ حكمٌ وقليلٌ فاعلُه ويقال إيجابُ القصاص حكمةٌ عظيمة ويُسمَّى العلم بما في ذلك الفعل أو الحكم من المصلحة والتكلم بذلك حكمة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم إن من الشعر لحِكمةً وقال الحكمةُ ضالّةُ المؤمن فالحكيم هو الذي يعلم الصواب ويتبعه فإن عَلِمَه ولم يتبعْه أو عَلِمَه ولم يعلم حقيقته فقد أُوتِيَ شَطْرَ الحكمة

وقد غَلَب في اصطلاح أهل الجدل من الفقهاء إطلاقُ الحكمة في الأحكام الشرعية على المعنى الأول من المعاني الثلاثة وهو ما في الفعل أو الحكم من تحصيل مصلحةٍ ودفعِ مفسدةٍ والمصالح والمفاسد بعد البحث التام تعود إلى ما ينفع الناسَ في الدنيا والآخرة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015