بنور العقلِ وتارةً تُدرِك ببيان الشرع وحيث جعلوا الأفعال أفعال الخالق والمخلوق نوعًا واحدًا سَوَّوْا بينها في التحسين والتقبيح حتى صاروا مشبِّهة الأفعال وحيثُ اعتقدوا أن المصلحةَ ما أَبدَوْه من أمورٍ لا تَثبتُ على محكِّ السَّبْر إلى أشياءَ خرجوا بها عن الحقّ
وإلاَ في مخافتهم كثيرٌ من متكلّمي أهل الإثبات حتى جوَّزوا أن لا تكون في الحكام الشرعية الواقعة مصلحةٌ للمكلَّفين البتَّةَ أن لا معنى للحكم إلاّ مجردُ القول وأنّ الفعل لم يكتسب بالحكم إلاّ صفةً إضافيةً وأنّ شيئًا من الأفعال ليس على صفةٍ تقتضي الحكم وان العلل الشرعية ليست إلاّ محضَ علاماتٍ وحتى أحالَ بعضُهم التعليلَ بالمصالح والمفاسد
واقتصدَ الفقهاءُ والحكماءُ من أهل البصر بالأصول والفتوى والحديث فعَلِموا أن الله لا يَجب عليه شيءٌ كما يجب على خلقِه بل هو سبحانه كتبَ على نفسه الرحمة وحرَّم على نفسِه الظلمَ فهو أرحمُ بخلقِه من الوالدةِ بولدها فأمرَ العبادَ بما أمرَهم لا لحاجته بل لما فيه من صلاحهم ونهاهم عما نهاهم لا بُخلاً به بل لما فيه من مفاسدهم تفضلاً منه وإحسانًا وإن كان له أن يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد
والحكم اسمٌ يُقالُ على خطابِ الله وكلامِه المنزّل وهو الإيجاب كقوله كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ [البقرة 183] وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ [آل عمران 97] أوالتحريم كقوله حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ