للتقرب إلى ذي الجلالة وتخفيفها عند الأشغال وتحصيلها للمصالح الجلية في الدنيا والآخرة وما في المعاملات من القوانين المضبوطة المانعة من الوقوع في الشرور والآفات وكذلك ما في المناكح من حفظِ المياه والأنساب والجمع بين الرجال والنساء لاستيفاء النوع على أكمل حال ثم ما في العقوبات من المصالح العاصمة للدماء في أُهُبِها وإقرار الرؤوس على كواهلها وحفظ الموال عن السُّرَّاق والقُّطَّاع وحفظ الأديان والعقول عن الانحلال والاختلال وما في الكفّارات من جَبْرِ النقائض ومَحْو السيئات إلى غير ذلك من المحاسن والمصالح التي تفوق العدد وتخاف الإحصاء عَلِمَ بالاضطرارِ أن ذلك تنزيلٌ من حكيم حميد متلقًّى من لَدُنْ حكيم خبير وأن الذي أحاط بكل شيء علمًا ووسعَ كلَّ شيء رحمةً وحلمًا أنزلَ الأحكام متضمنةً مصالح العباد في الدنيا والآخرة ولهذا يأمر الله في القرآن دائمًا بالصلاح ويُثنِي على الذين يعملون الصالحات وينهى عن الفساد ويذكُّ المفسدين
ولا خلافَ بين الفقهاء من الأولين والآخرين في اشتمال الشريعة على مصالح المكلفين نعم زاغَ أهلُ الأهواء من القدرية حيثُ اعتقدوا وجوبَ رعاية الصلاح أو الأصلح على الله وجوبًا عقليًّا يَلزمُ بتركِه ذمٌّ وحيثُ اعتقدوا أن لا معنى للأحكام إلاّ صفات للأفعال تارةً تُدرَك