وإن عَنَى به شيئًا ثالثًا فلابُدَّ من بيانِه
الثاني أن نقول من رأيناه أعطى إنسانًا عالمًا فقيرًا قريبًا منه مرةً بعد مرة فقد دار الإعطاء مع هذه المدارات الصالحة للعلّية فإن أضفتَ الإعطاء إلى المجموع أو إلى أحدٍ بعينه قبل الدليل كنتَ مخطئًا لأنك قد تسألُ الرجلَ المعطيَ فيقول إنما أعطيتُه لقرابتِه مني أو لفقرِه أو لعلمِه ولم ألتفتْ إلى الوصف الآخر ولم أشعُرْ به
وكذلك من تجسَّسَ أو سَبَّ السلطانَ وانتهكَ حُرمتَه مراتٍ متعددةً وهو يُعاقِبُه قد يجوز أن يقول إنما عاقبتُه لكذا دونَ كذا وهو كثير
فقوله لو كان المدار فيما ذكرتم صالحًا لم نُسلِّم أنه لا يكون علةً منعٌ للواقع المعلوم بالضرورةِ
الثالث أن تخلُّف العلّيةِ مع وجود الدوران كثيرٌ لا يُحصَى لا سيما عند من يكتفي بالدوران وجودًا أو عدمًا في صورةٍ بعد صورة فإن العلم الضروري حاصلٌ بأن ما تتخلَّف عنه العلّيةُ من هذا الجنس أكثر مما تقترن به وقد ذكر المصنّف ما يقترن بالآثار الحادثة من الأمكنة والأزمنة من الحركات الاختيارية والطبيعية والقَسْرِيّة مع أن شيئًا منها لا يفيد العلّية وكذلك دوران العلية مع المعلول والمتضايفانِ كلٌّ منهما مع الآخر وحينئذٍ فإما أن يقول الدوران يُفيد العلّية لكن تَخلَّفَ في الصور الكثيرة لمانعٍ أو يقول لا يفيد وإنما حصلَ العلمُ بالعلّية في بعض الصور لأمرٍ آخر غيرِ الدوران