. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وأشرت بموافقة الباء إلى قوله تعالى: يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ (?) أي:
بطرف خفي، قال الأخفش (?): قال يونس: يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ أي:
بطرف، كما تقول العرب: ضربته من السيف، أي: بالسيف.
وأشرت بموافقة «في» إلى نحو: قول عدي بن زيد (?):
2363 - عسى سائل ذو حاجة إن منعته ... من اليوم سؤلا أن ييسّر في غد (?)
وتزاد «من» لتنصيص العموم كقولك: ما في الدار من رجل؛ فـ «من» زائدة؛ لأن الكلام يصح بدونها إذا قلت: ما فيها رجل، لكن «ما فيها من رجل» لا محتمل له غير العموم؛ ولذلك خطئ من قال: ما فيها من رجل بل اثنان، و «ما فيها رجل» محتمل لنفي الجنس على سبيل العموم، ولنفي الواحد دون ما فوقه، ولذلك يجوز أن يقال: ما فيها رجل بل اثنان، فلو كان المجرور بـ «من» هذه «أحد» أو «ديار» أو غيرهما من الأسماء المقصورة على العموم؛ لكانت مزيدة لمجرد التوكيد، فقولك: ما أحد و: ما فيها من أحد؛ سيان في إفهام العموم دون احتمال، ولا يكون المجرور بها عند سيبويه (?) إلا نكرة بعد نفي، أو نهي، أو استفهام، نحو: هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ (?)، وإلى النهي والاستفهام أشرت بذكر شبه النفي. وأجاز أبو الحسن الأخفش (?) وقوعها في الإيجاب وجرّها المعرفة، وبقوله أقول؛ لثبوت السماع بذلك نثرا ونظما. فمن النثر قوله تعالى: يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ (?)، وقوله تعالى: وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئاتِكُمْ (?)، وقوله تعالى: وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ (?)، وقوله تعالى: تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ * (?)، وقول عائشة رضي الله عنها: «إنّ رسول الله [3/ 175] صلّى الله عليه وسلّم كان -