. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

وفَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللَّهِ (?). وقد صرح بهذا المعنى فقال: وتكون للتبعيض نحو: هذا منهم، كأنك قلت:

بعضهم (?)، وأشار أيضا إلى قصد التبعيض بالمصاحبة «أفعل» التفضيل فقال: «هو أفضل من زيد؛ فضّله على بعض ولم يعم (?).

ويبطل كون هذه للتبعيض أمران:

أحدهما: عدم صلاحية «بعض» في موضعها.

والثاني: صلاحية كون المجرور بها عاما كقولنا: الله أعظم من كل عظيم، وأرحم من كل رحيم، وإذا بطل كون المصاحبة «أفعل» التفضيل لابتداء الغاية وللتبعيض؛ تعين كونها لمعنى المجاوزة كما سبق. ومجيء «من» للانتهاء كقولك: قربت منه؛ فإنه لقولك: تقربت إليه، وقد أشار سيبويه إلى أن من معاني «من» الانتهاء فقال: وتقول:

رأيته من ذلك الموضع؛ فجعلته غاية رؤيتك كما جعلته غاية حين أردت الابتداء.

قال ابن السراج رحمه الله تعالى: وحقيقة هذه المسألة أنك إذا قلت: رأيت الهلال من موضعي؛ فـ «من» لك، وإذا قلت: رأيت الهلال من خلل السحاب فـ «من» للهلال، والهلال غاية لرؤيتك؛ فلذلك جعل سيبويه «من» غاية في قولك: رأيته من ذلك الموضع (?) وقد جاءت «من» بمعنى «على» في قوله تعالى:

وَنَصَرْناهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا (?) أي: على القوم، كذلك قال أبو الحسن الأخفش (?)، وإليه أشرت بذكر الاستعلاء في معاني «من» وأشرت بذكر الفصل إلى دخولها على ثاني المتضادين نحو: وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ (?)، وحَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ (?)، ومنه قول الشاعر:

2362 - ولم تره قابلا للجميل ... ولا عرف العزّ من ذلّه

فسمه الهوان فإنّ الهوان ... دواء لذي الجهل من جهله (?)

-

طور بواسطة نورين ميديا © 2015