ذلك تشريعا للناس كيف وهو أمر لا يمكن الاطلاع عليه عادة كما لا يخفى؟!
فالصواب القول بالتحريم مطلقا في الصحراء والبنيان وهذا الذي انتهى إليه الشوكاني في "نيل الأوطار" و "السيل الجرار" 1 / 69 قال فيه:
"وحقيقة النهي التحريم ولا يصرف ذلك ما روي أنه صلى الله عليه وسلم فعل ذلك فقد عرفناك أن فعله صلى الله عليه وسلم لا يعارض القول الخاص بالأمة إلا أن يدل دليل على أنه أراد الاقتداء به في ذلك وإلا كان فعله خاصا به. وهذه المسألة مقررة في الأصول محررة أبلغ تحرير وذلك هو الحق كما لا يخفى على منصف. ولو قدرنا أن مثل هذا الفعل قد قام ما يدل على التأسي به فيه لكان خاصا بالعمران فإنه رآه وهو في بيت حفصة كذلك بين لبنتين".
قلت: ويعني أنه لم يقم الدليل المشار إليه فبقي الحكم على عمومه والفعل خاص به صلى الله عليه وسلم.
وأما قول ابن عمر في حديث مروان الأصفر الذي ذكره المؤلف عقب الحديث السابق: "إنما نهى عن هذا في الفضاء ... " فليس صريحا في الرفع بل يمكن أن يكون ذلك فهما منه لفعله صلى الله عليه وسلم في بيت حفصة فلا ينهض دليلا للتخصيص بالصحراء كما بينه الشوكاني فليراجعه من شاء 1 / 73.
وإن مما يؤيد العموم الأحاديث التي وردت في النهي عن البصق تجاه القبلة في المسجد وخارجه ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "من تفل تجاه القبلة جاء يوم القيامة وتفلته بين عينيه". وهو مخرج في "الصحيحة" 222 و223 وقد جزم النووي بالمنع في كل حالة داخل الصلاة وخارجها وفي المسجد أو غيره كما نقلته عنه هناك وبه قال الصنعاني. فإذا كان البصق تجاه القبلة في البنيان منهيا عنه محرما أفلا يكون البول والغائط تجاهها محرما من باب أولى؟! فاعتبروا يا أولي الأبصار!