ذلك وإنما لبيان إثم من يؤخر الصلاة حتى يخرجها عامدا عن وقتها مطلقا سواء كان يعقبها صلاة أخرى مثل العصر مع المغرب أو لا مثل الصبح مع الظهر ويدل على ذلك أن الحديث ورد في صلاة الفجر حين فاتته صلى الله عليه وسلم مع أصحابه وهم نائمون في سفر لهم واستعظم الصحابة رضي الله عنهم وقوع ذلك منهم فقال صلى الله عليه وسلم لهم: "أما لكم في أسوة؟ " ثم ذكر الحديث. كذلك هو في "صحيح مسلم" وغيره فلو كان المراد من الحديث ما ذهبوا إليه من امتداد وقمت كل صلاة إلى دخول الأخرى لكان نصا صريحا على امتداد وقت الصبح إلى وقت الظهر وهم لا يقولون بذلك ولذلك اضطروا إلى استثناء صلاة الصبح من ذلك وهذا الاستثناء على ما بينا من سبب الحديث يعود عليه بالإبطال لأنه إنما ورد في خصوص صلاة الصبح فكيف يصح استثناؤها؟ فالحق أن الحديث لم يرد من أجل التحديد بل لإنكار تعمد إخراج الصلاة عن وقتها مطلقا ولذلك قال ابن حزم في "المحلى" 3 / 178 مجيبا على استدلالهم المذكور:
"هذا لا يدل على ما قالوه أصلا وهم مجمعون معنا أن وقت صلاة الصبح لا يمتد إلى وقت صلاة الظهر فصح أن هذا الخبر لا يدل على اتصال وقت كل صلاة بوقت التي بعدها وإنما فيه معصية من أخر صلاة إلى وقت غيرها فقط سواء أتصل آخر وقتها بأول الثانية أم لم يتصل وليس فيه أنه لا يكون مفرطا أيضا من أخرها إلى خروج وقتها وإن لم يدخل وقت أخرى ولا أنه يكون مفرطا بل هو مسكوت عنه في هذا الخبر ولكن بيانه في سائر الأخبار التي فيها نص على خروج وقت كل صلاة والضرورة توجب أن من تعدى بكل عمل وقته الذي حده الله تعالى لذلك العمل فقد تعدى حدود الله وقال تعالى: {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} ".
وإذ قد ثبت أن الحديث لا دليل فيه على امتداد وقت العشاء إلى الفجر فإنه