يستغفر فيسب نفسه) أي ما دام أن الإنسان نشيط على العبادة فليقم الليل لكن إذا فترت قواه وجاءه النوم فلا يجاهده حتى لا يقع في المحظور وهو سب النفس وذهاب الخشوع، فقوله: (ليصل أحدكم نشاطه) هو نفي للتفريط في العبادة بحيث ينام الإنسان إلى الصباح بلا صلاة، وقوله: (فإذا فتر أو عجز فليرقد) هي نفي للإفراط والغلو في العبادة فديننا ليس فيه غلو ولا إفراط، ومن ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: (عليكم من الأعمال بما يطيقون فوالله لا يمل الله حتى تملوا وكان أحب الدين إليه ما داوم عليه صاحبه) رواه البخاري وغيره. وقال - عليه الصلاة والسلام -: (أحب الأعمال إلى الله تعالى أدومها وإن قل) فكثرة العبادة الحاصلة بإجهاد النفس ليست بمرادة لله تعالى ولكن مقصود الشريعة المداومة على العبادة وإن كانت قليلة، فقولي: (المداومة على العبادة) نفي للتفريط وقولي: (وإن كانت قليلة) نفي للإفراط، ولذلك كان - صلى الله عليه وسلم - لا يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة مع محبته للعبادة لكن ليربي أمته على منهج الوسطية الذي به تستقيم الأمور، فالوسطية حزام أمان من الغلو والتفريط، فإن من غلا في عبادة أو معتقد أو فرط فيها يوشك أن ينقلب عليه الأمر، ومن الأدلة: قوله - صلى الله عليه وسلم - لأبي ذر: (إن لنفسك عليك حقًا ولربك عليك حقًا ولزوجك عليك حقًا فأعط كل ذي حقٍ حقه) .