عَنْهُمْ إصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} وهذا أصل من أصول الشريعة وقد تقدم طرف من ذلك في قاعدة: (كل فعل فيه عسر فإنه يصحب باليسر) . إذا علم هذا الأصل العظيم فليعلم أن المكلف قد تحصل له حالة لا يستطيع معها القيام بما أمره الله تعالى إما أصلاً وإما على وجه الكمال، إما لمرضٍ أو خوف أو اشتباه حالٍ أو ضرورةٍ أو لغيرها من الأعذار، فإذا لم يستطع المكلف الإتيان بالمأمور على الوجه المطلوب فإن عليه أن يجتهد للوصول إليه ويبذل ما في وسعه ثم يفعل المأمور على حسب طاقته ووسعه واجتهاده، ويكون هذا الفعل حسب الطاقة والوسع فعل صحيح مجزئ ولا يأثم المكلف بترك ما لم يستطعه من المأمور؛ لأنه عاجز عنه، والواجبات تسقط بالعجز عنها، بل عليه الاجتهاد وبذل الوسع وفعل ما كان داخلاً في طاقته، والإتيان بما استطاعه منه، ويكون بهذا - أي بفعل ما في وسعه وطاقته - يكون بهذا قد خرج من عهدة المطالبة فلا إثم عليه ولا إعادة عند القدرة على فعل المأمور على وجه الكمال؛ لأنه قد فعل ما أمر به شرعًا، بل ومن تمام فضل الله علينا أن المكلف إذا فعل المأمور حسب طاقته ووسعه ونقص منه شيء فإنه لا ينظر إلى هذا النقص، بل يكتب له مثل أجر من عمل المأمور على وجه الكمال.