فمنها: شراء السلاح الأصل فيه الحل والإباحة لكن يحرم بيعه في الفتنة؛ لأنه حينئذٍ سيكون ذريعة لقتل المسلمين بعضهم بعضًا، فلما كان بيع السلاح في هذه الحالة مفضيًا إلى حرام وهو إزهاق النفس بغير حق، صار بيعه حرامًا؛ لأن الوسائل لها أحكام المقاصد، وقس على ذلك جميع المباحات إذا جعلت وسائل يتوصل بها إلى الحرام، فإنها تكون حرامًا كشراء السكين لقتل مسلم، وشراء الكوب ليشرب فيه خمرًا، والسفر لبلد لمواقعة الفواحش، والمشي إلى مواضع المنكرات وغيرها، كل ذلك يكون حرامًا؛ لأنه صار وسيلة للحرام.
ومنها: تحريم البيع بعد نداء الجمعة الثاني كما في الآية فإنه حرام تحريم وسائل لا تحريم مقاصد، ذلك لأنه ذريعة إلى التشاغل عن حضور الذكر من الخطبة والصلاة وهذا حرام لا يجوز فكل شيءٍ يشغل عن استماع الذكر وعن الصلاة فإنه يكون حرامًا، ومن ذلك البيع بعد نداء الجمعة الثاني،ويدخل في ذلك السهر إن كان سببًا لتضييع صلاة الفجر فهو حرام؛ لأنه وسيلة إلى حرام حتى ولو كان السهر في طاعة.
ومنها: النظر إلى النساء حرام بالدليل الصحيح؛ لأنه مفضٍ إلى الحرام وهو الافتتان بالنساء ومن ثَمَّ الوقوع في المحظور، فصار حرامًا؛ لأنه وسيلة للحرام ووسائل الحرام حرام، وكذلك الخلوة بالأجنبية وسفر المرأة بلا محرم واختلاط الرجال بالنساء هو من هذا الباب، وجماع ذلك أن كل وسيلة تفضي إلى الزنا والافتتان بالنساء فهي حرام، وما أكثر الوسائل المفضية إلى ذلك في زماننا هذا - والله المستعان -.
وخلاصة الأمر أن محرمات الشريعة قسمان: منها ما حرم تحريم وسائل ومنها ما حرم تحريم مقاصد، والله أعلم.
القاعدة الثالثة: (ما لا يتم المندوب إلا به فهو مندوب) .
القاعدة الرابعة: (ما لا يتم المكروه إلا به فهو مكروه) : والكلام عليهما يطول فتطلب الفروع من كتب الفقه طلبًا للاختصار.