تلبيس ابليس (صفحة 376)

رجلا وقف مَعَ امرأته فِي طريق يكلمها ويلمسها ليقول عنه من لا يعلم هَذَا فاسق لكان عاصيا بذلك ثم كيف يجوز التصرف فِي مال الغير بغير إذنه ثم فِي نص مذهب أحمد والشافعي أن من سرق من الحمام ثيابا عليها حافظ وجب قطع يده ثم من أرباب الأحوال حتى يعملوا بواقعاتهم كلا وَاللَّه إن لنا شريعة لو رام أَبُو بَكْر الصديق أن يخرج عنها إِلَى العمل برأيه لم يقبل مِنْهُ فعجبي من هَذَا الفقيه المستلب عَنِ الفقه بالتصوف أكثر من تعجبي من هَذَا المستلب الثياب.

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ حبيب نا أَبُو سَعْد بْن أبي صَادِق نا بْن باكويه قَالَ سمعت مُحَمَّد بْن أحمد النجاري يَقُول كان عَلَى بْن بابويه من الصوفية فاشترى يوما من الأيام قطعة لحم فأحب أن يحمله إِلَى البيت فاستحيا من أهل السوق فعلق اللحم فِي عنقه وحمله إِلَى بيته.

قلت واعجبا من قوم طالبوا أنفسهم بمحو أثر الطبع وذلك أمر لا يمكن ولا هو مراد الشرع وَقَدْ ركز فِي الطباع إن الإنسان لا يحب أن يرى إلا متجملا فِي ثيابه وأنه يستحيي من العري وكشف الرأس والشرع لا ينكر عَلَيْهِ هَذَا وما فعله هَذَا الرَّجُل من الإهانة لنفسه بين الناس أمر قبيح فِي الشرع والعقل فهو إسقاط مروءة لا رياضة كَمَا لو حمل نعليه عَلَى رأسه.

وقد جاء فِي الحديث الأكل فِي السوق دناءة فَإِن اللَّه قد أكرم الآدمي وجعل لكثير من الناس من يخدمه فليس من الدين إذلال الرَّجُل نفسه بين الناس وَقَدْ تسمى قوم من الصوفية بالملامتية فاقتحموا الذنوب فقالوا مقصودنا أن نسقط من أعين الناس فنسلم من آفات الجاه والمرائين وهؤلاء مثلهم كمثل رجل زنى بأمرأة فاحبلها فَقِيلَ لَهُ لم تعزل فَقَالَ بلغني أن العزل مكروه فَقِيلَ لَهُ وما بلغك أن الزنا حرام وهؤلاء الجهلة قد أسقطوا جاههم عند اللَّه سبحانه ونسوا أن المسلمين شهداء اللَّه فِي الأرض أَخْبَرَنَا ابْن حبيب نا ابْن أبي صَادِق نا بْن باكويه قَالَ سمعت أبا أَحْمَد الصغير سمعت أبا عَبْد اللَّهِ بْن خفيف سمعت أبا الْحَسَن الْمَدِينِيّ يَقُول خرجت مرة من بغداد إِلَى نهر الناشرية وكان فِي إحدى قرى ذلك النهر رجل يميل إِلَى أصحابنا فبينا أنا أمشي على شاطىء النهر رأيت مرقعة مطروحة ونعلا وخريقة فجمعتهما وقلت هذه لفقير ومشيت قليلا فسمعت همهمة وتخبيطا فِي الماء فنظرت فَإِذَا بأبي الْحَسَن النوري قد ألقى نفسه فِي الماء والطين وَهُوَ يتخبط ويعمل بنفسه كل بلاء فلما رأيته علمت أن الثياب لَهُ فنزلت إليه فنظر إلي وقال يا أبا الْحَسَن أما ترى مَا يعمل بي قد أماتني موتات وقال لي مالك منا ألا الذكر الذي لسائر الناس وأخذ يبكي ويقول ترى مَا يفعل بي فما زلت أرفق به حتى غسلته

طور بواسطة نورين ميديا © 2015