وارتفع، وشيّد بهم من قواعد الدين الحنيفي ما شرع، وأخمد بهم كلمة من حاد عن الحق ومال إلى البدع، وبعد:
فإن العقائد الشرعية، وقواعد الإسلام المرعية، وأركان الإيمان العليّة، ومذاهب الدين المرضية، هي الأساس الّذي يُبنى عليه، والموئل (?) الّذي يرجع كلُّ أحد إليه، والطريق الّتي من سلكها فقد فاز فوزًا عظيمًا، ومن زاغ عنها فقد استوجب عذابًا أليمًا، فلهذا يجب أن تنفذ أحكامها، ويؤكد دوامها، وتُصان عقائد هذه الأمة عن الاختلاف).
وكلام كثير من هذا النوع وأشباهه، وقُرئ تقليد الخطيب بعده، وأحضروا بعد القراءة الحنابلةَ إلى عند قاضي القضاة المالكي، وبحضور رفاقه القضاة الشّافعيّ والحنفي وتقي الدين الحنبلي، وسئلوا عما يعتقدونه، فقالوا: نحن نعتقد ما يعتقده الإمام الشّافعيّ محمّد بن إدريس رضي الله عنه، وهو قوله: آمنت بالله وما جاء عن الله عن مراد الله، وآمنت برسول الله وما جاء عن رسول الله عن مراد رسول الله، وقال كلّ واحدٍ منهم هذه المقالة، ثمّ نهضوا القضاة، فراح الحنبليُّ إلى المنارة الغربية، والمالكي إلى بيته، والشّافعيّ إلى القاضي شمس الدين الحريري يتغمّم له بسبب عزله، وذكروا عنه - والله أعلم - أنه هو سعى في عزله، وشمس الدين الحنفي الأذرعي جلس للحكم في مشهد ابن عروة، وهنؤوه النَّاس بالخِلْعَة. (2/ 855 - 857)