خلقًا كثيرًا، وكل واحد منهم معروف بالصلاح والهمة وقوة النفس، فلما حضروا عند نائب السلطنة أكرمهم، وعظّم شأنهم، وأجابهم إلى ما سألوه من مراجعة السلطان في هذه التولية، وإعلامه أنها وقعت غير الموقع، ومُنِع صدر الدين من الإمامة والخطابة إلى أن يصل الجواب السلطاني بما يعتمده المسلمون.
وأمرَ أن تُكْتَب الكتبُ بذلك، ورَسَم أن يستمرّ في الوظيفة نائبًا للشيخ زين الدين على ما كان عليه، فشرع الشّيخ أبو بكر الجزري في الإمامة عشاء الآخرَة ليلة الخميس، والخطابة القاضي تاج الدين [الجَعْبري]، وكانت قد هُيئت الخِلْعَة للخطيب، فحُمِلت ليلة الخميس إلى نائب السَّلْطنة، وتحدَّث النَّاس مع نائب السلطنة في أمر صدر الدين المذكور في سؤاله بإمضاء ما بتوقيعه من المدارس فيها، وذلك بكرة الأحد الثّامن والعشرين من الشهر، وهي المدرسة الشامية البرّانية، والشامية الجُوَّانية، ودار الحديث، والعذراوية.
فلما كان يوم الحادي والعشرين من ربيع الآخر وصل البريد ومعه الأجوبة من السلطان بما يعتمدون في أمره حُكْم الشّرع الشريف، وأن المسلمين إذا لم يختاروه للخطابة والإمامة فلا يولَّى عليهم، بل يتفقون على من يرونه أهلًا لذلك فيكون هو المُولَّى، وأَمْر دار الحديث والشامية يُتْبَع فيه حكم شرط الواقف ولا يُعدل عنه، وفي الكتب: وأننا لا نولِّي إِلَّا لمن هو معدود في المقرّبين وفي العلماء وفيه الأوصاف الجميلة. (2/ 764 - 766).