غير الصعود في مآذن الجامع ينظرون كذا وكذا، فتارة يقولون: رأينا سوادًا وغبرة من جهة المرج، فيخاف النَّاس ويجزمون بأن التتار قد أحاطت بهم، وينظرون إلى جهة الكسوة يقولون: ليس ثَمَّ شيء بالكلية، ويتعجبون لما فعل الله بهذا الجيش وأزاله في لحظة (?) مع الكثرة وجَودة العُدَد والسلاح والثياب والهيئات، ثمّ يقولون: ليس لهم من يجمعهم على أمر واحد، فلهذا حصل فيه الفشل والجبن والتخاذل، فإنا لله وإنا إليه راجعون. (2/ 689 - 691)
قال: فلما كان بعد الظهر قُرئ كتاب السلطان إلى متولي القلعة يخبر فيه باجتماع الجيش ظهر السبت بشَقْحَب، وبعد العصر قُرئت بطاقة من نائب السلطنة الأمير جمال الدين آقوش الأفرم فيها تصريح بالمقصود أكثر من الكتاب السلطاني مضمونها: أن الوقعة كانت منذ عصر السبت إلى السّاعة الثّانية من يوم الأحد، وأن السيف كان يعمل في رقابهم ليلًا ونهارًا، وأنهم هربوا وركنوا إلى الفرار، ومنهم من اعتصم بالهضائب والتلال، وأنه لا يفلت منهم أحدٌ إِلَّا القليل، فأمسوا النَّاس وقد استقرَّت خواطرهم، واستبشروا بهذا الأمر العظيم والنصر المبارك، ودقَّت البشائر بالقلعة من أول النهار المذكور، وبعد الظهر نُودي بالقلعة بإخراج مَنْ دخلها من الجُفَّال لأجل نزول السلطان بها.
فشرع النَّاس في نقل أمتعتهم وحوائجهم، ووقع أيضًا بين الظهر